الأحد، 6 أبريل 2014

مقال / وحكاية الإسلام مع المرأة ؟ .. للدكتور . مصطفى محمود

الفصل السادس / وحكاية الإسلام مع المرأة ؟
__________________________
للدكتور . مصطفى محمود .
________________




قال صديقي الدكتور:


- ألا توافقني أن الإسلام كان موقفه رجعياً مع المرأة ؟


وبدأ يعد على أصابعه ..


- حكاية تعدد الزوجات وبقاء المرأة في البيت .. والحجاب والطلاق في يد الرجل .. والضرب والهجر في المضاجع .. وحكاية ما ملكت أيمانكم .. وحكاية الرجال قوامون على النساء .. ونصيب الرجل المضاعف في الميراث.

قلت له وأنا أستجمع نفسي:

التهم هذه المرة كثيرة .. والكلام فيها يطول .. ولنبدأ من البداية .. من قبل الإسلام .. وأظنك تعرف تماماً أن الإسلام جاء على جاهلية ، والبنت التي تولد نصيبها الوأد والدفن في الرمل ، والرجل يتزوج العشرة والعشرين ويُكره جواريه على البغاء ويقبض الثمن .. فكان ما جاء به الإسلام من إباحة الزواج بأربع تقييداً وليس تعديداً .. وكان إنقاذ للمرأة من العار والموت والاستعباد والمذلة.

وهل المرأة الآن في أوروبا أسعد حالاً في الانحلال الشائع هناك وتعدد العشيقات الذي أصبح واقع الأمر في أغلب الزيجات أليس أكرم للمرأة أن تكون زوجة ثانية لمن تحب .. لها حقوق الزوجة واحترامها من أن تكون عشيقة في السر تختلس المتعة من وراء الجدران.

ومع ذلك فالإسلام جعل من التعدد إباحة شبه معطلة وذلك بأن شرط شرطاً صعب التحقيق وهو العدل بين النساء.

( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ) ..

.

( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً )


فنفى قدرة العدل حتى عن الحريص فلم يبق إلا من هو أكثر من حريص كالأنبياء والأولياء ومن في دربهم.
 
أما البقاء في البيوت فهو أمر وارد لزوجات النبي باعتبارهن مُثلاً عُليا.

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ).

وهي إشارة إلى أن الوضع الأمثل للمرأة هي أن تكون أُماً وربة بيت تتفرغ لبيتها ولأولادها ويمكن أن نتصور حال أمة نساؤها في الشوارع والمكاتب وأطفالها في دور الحضانة والملاجيء .. أتكون أحسن حالاً أو أمة النساء فيها أمهات وربات بيوت والأطفال فيها يتربون في حضانة أمهاتهم والأسرة فيها متكاملة الخدمات.

الرد واضح.

ومع ذلك فالإسلام لم يمنع المقتضيات التي تدعو إلى خروج المرأة وعملها .. وقد كانت في الإسلام فقيهات وشاعرات .. وكانت النساء يخرجن في الحروب .. ويخرجن للعلم.

إنما توجهت الآية إلى نساء النبي كمُثل عُليا ، وبين المثال والممكن والواقع درجات متعددة وقد خرجت نساء النبي مع النبي في غزواته

وينسحب على هذا أن الخروج لمعونة الزوج في كفاح شريف هو أمر لا غبار عليه.

أما الحجاب فهو لصالح المرأة.

وقد أباح الإسلام كشف الوجه واليدين وأمر بستر ما عدا ذلك.

ومعلوم أن الممنوع مرغوب وأن ستر مواطن الفتنة يزيدها جاذبية .

وبين القبائل البدائية وبسبب العري الكامل يفتر الشوق تماماً وينتهي الفضول ونرى الرجل لا يخالط زوجته إلّا مرة في الشهر وإذا حملت قاطعها سنتين.


وعلى الشواطيء في الصيف حينما يتراكم اللحم العاري المباح للعيون يفقد الجسم العريان جاذبيته وطرافته وفتنته ويصبح أمراً عادياً لا يثير الفضول.

ولا شك أنه من صالح المرأة أن تكون مرغوبة أكثر وألّا تتحول إلى شيء عادي لا يثير.

أما حق الرجل في الطلاق فيقابله حق المرأة أيضاً على الطرف لآخر فيمكن للمرأة أن تطلب الطلاق بالمحكمة وتحصل عليه إذا أبدت المبررات الكافية.

ويمكن للمرأة أن تشترط الاحتفاظ بعصمتها عند العقد .. وبذلك يكون لها حق الرجل في الطلاق.

والإسلام يعطي الزوجة حقوقاً لا تحصل عليها الزوجة في أوروبا فالزوجة عندنا تأخذ مهراً .. وعندهم تدفع دوطة ..والزوجة عندنا لها حق التصرف في أملاكها .. وعندهم تفقد هذا الحق بمجرد الزواج ويصبح الزوج هو القيّم على أملاكها .

أما الضرب والهجر في المضاجع فهو معاملة المرأة الناشز فقط .. أما المرأة السويّة فلها عند الرجل المودة والرحمة.

والضرب والهجر في المضاجع من معجزات القرآن في فهم النشوز .. وهو يتفق مع أحدث ما وصل إليه علم النفس العصري في فهم المسلك المرضي للمرأة.

وكما تعلم يقسم علم النفس هذا المسلك المرضي إلى نوعين:

" المسلك الخضوعي " وهو ما يسمى في الاصطلاح العلمي "masochism ماسوشزم " وهو تلك الحالة المرضية التي تتلذذ فيها المرأة بأن تضرب وتعذب وتكون الطرف الخاضع.

والنوع الثاني هو:

" المسلك التحكمي " وهو ما يسمى في الاصطلاح العلمي "sadism سادزم" وهو تلك الحالة المرضية التي تتلذذ فيها المرأة بأن تتحكم وتسيطر وتتجبر وتتسلط وتوقع الأذى بالغير.

ومثل هذه المرأة لا حل لها سوى انتزاع شوكتها وكسر سلاحها الذي تتحكم به ، وسلاح المرأة أنوثتها وذلك بهجرها في المضجع فلا يعود لها سلاح تتحكم به..

أما المرأة الأخرى التي لا تجد لذتها إلا في الخضوع والضرب فإن الضرب لها علاج .. ومن هنا كانت كلمة القرآن:

( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ).

إعجازاً علمياً وتلخيصاً في كلمتين لكل ما أتى به علم النفس في مجلدات عن المرأة الناشز وعلاجها.


أما حكاية " ما ملكت أيمانكم " التي أشار إليها السائل فإنها تجرنا إلى قضية الرق في الإسلام .. واتهام المستشرقين للإسلام بأنه دعا إلى الرق .. والحقيقة أن الإسلام لم يدع إلى الرق .. بل كان الدين الوحيد الذي دعا إلى تصفية الرق.

ولو قرأنا الإنجيل .. وما قاله بولس الرسول في رسائله إلى أهل افسس وما أوصى به العبيد لوجدناه يدعو العبيد دعوة صريحة إلى طاعة سادتهم كما الرب.

" أيها العبيد .. أطيعوا سادتكم بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما الرب. "

ولم يأمر الإنجيل بتصفية الرق كنظام وإنما أقصى ما طالب به كان الأمر بالمحبة وحسن المعاملة بين العبيد وسادتهم.

وفي التوراة المتداولة كان نصيب الأحرار أسوأ من نصيب العبيد .. ومن وصايا التوراة أن البلد التي تستسلم بلا حرب يكون حظ أهلها أن يساقوا رقيقاً وأسارى والتي تدافع عن نفسها بالسيف ثم تستسلم يُعرَض أهلها على السلاح ويقتل شيوخها وشبابها ونساؤها وأطفالها ويُذبَحوا تذبيحاً.

كان الاسترقاق إذاً حقيقة ثابتة قبل مجيء الإسلام وكانت الأديان السابقة توصي بولاء العبد لسيده.

فنزل القرآن ليكون أول كتاب سماوي يتكلم عن فك الرقاب وعتق الرقاب.

ولم يحرم القرآن الرق بالنص الصريح .. ولم يأمر بتسريح الرقيق .. لأن تسريحهم فجأة وبأمر قرآني في ذلك الوقت وهم مئات الآلاف بدون صناعة وبدون عمل اجتماعي وبدون توظيف يستوعبهم كان معناه كارثة اجتماعية وكان معناه خروج مئات الألوف من الشحاذين في الطرقات يستجدون الناس ويمارسون السرقة والدعارة ليجدوا اللقمة ، وهو أمر أسوأ من الرق ، فكان الحل القرآني هو قفل باب الرق ثم تصفية الموجود منه .. وكان مصدر الرق في ذلك العصر هو استرقاق الأسرى في الحروب فأمر القرآن بأن يطلق الأسير أو تؤخذ فيه فدية وبأن لا يؤخذ الأسرى أرقاء.

( فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ).

فإما أن تَمُنّ على الأسير فتطلقه لوجه الله .. وإما تأخذ فيه فدية.

أما الرقيق الموجود بالفعل فتكون تصفيته بالتدرج وذلك بجعل فك الرقاب وعتق الرقاب كفّارة للذنوب صغيرها وكبيرها وبهذا ينتهي الرق بالتدريج.

وإلى أن تأتي تلك النهاية فماذا تكون معاملة السيد لما ملكت يمينه .. أباح له الإسلام أن يعاشرها كزوجته.

وهذه حكاية " ما ملكت أيمانكم " التي أشار إليها السائل ولا شك أن معاشرة المرأة الرقيق كالزوجة كان في تلك الأيام تكريماً لا هانة.

وينبغي ألا ننسى موقف الإسلام من العبد الرقيق وكيف جعل منه أخاً بعد أن كان عبداً يُداس بالقدم.

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ).

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ).

( لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ ).

وقد ضرب محمد عليه الصلاة والسلام المثل حينما تبنى عبداً رقيقاً هو زيد بن حارثة فأعتقه وجعل منه ابنه .. ثم زوّجه من الحرة سليلة البيت الشريف زينب بنت جحش.

كل هذا ليكسر هذه العنجهية والعصبية .. وليجعل من تحرير العبيد موقفاً يُقتَدى به .. وليقول بالفعل وبالمثال أن رسالته عتق الرقاب.

أما أن الرجال قوّامون على النساء فهي حقيقة في كل مكان في البلاد الإسلامية . وفي البلاد المسيحية . وفي البلاد التي لا تعرف إلهاً ولا ديناً.

في موسكو المُلحدة الحُكّام رجال من أيام لينين وستالين وخروشوف وبولجانين إلى اليوم ، وفي فرنسا الحُكّام رجال ، وفي لندن الحُكّام رجال ، وفي كل مكان من الأرض الرجال هم الذين يحكمون ويشرعون ويخترعون ، وجميع الأنبياء كانوا رجالاً ، وجميع الفلاسفة كانوا رجالاً ، حتى المُلّحنين _ مع أن التلحين صنعة خيال لا يحتاج إلى عضلات _ رجال ، وكما يقول العقاد ساخراً :

حتى صناعة الطهي والحياكة والموضة وهي تخصصات نسائية تفوّق فيها الرجال ثم انفردوا بها .

وهي ظواهر لا دخل للشريعة الإسلامية فيها .. فهي ظواهر عامة في كل بقاع الدنيا حيث لا تحكم شريعة إسلامية ولا يحكم قرآن.

إنما هي حقائق أن الرجل قوّام على المرأة بحكم الطبيعة واللياقة والحاكمية التي خصّه بها الخالق.

وإذا ظهرت وزيرة أو زعيمة أو حاكمة فإنها تكون الطرافة التي تُروىَ أخبارها والإستثناء الذي يؤكد القاعدة .

والإسلام لم يفعل أكثر من أنه سجل هذه القاعدة وهذا يفسر لنا بعد ذلك لماذا أعطى القرآن الرجل ضعف النصيب في الميراث .. لأنه هو الذي ينفق ولأنه هو الذي يعول .. ولأنه هو الذي يعمل.

كان موقف الإسلام من المرأة هو العدل.

وكانت سيرة النبي مع نسائه هي المحبة والحدب والحنان .. الذي يؤثر عنه قوله:

"حُبب إليّ من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة."

فذكر النساء مع الطيب والعطر والصلاة وهذا غاية الإعزاز ، وكان آخر ما قاله في آخر خطبة له قبل موته هو التوصية بالنساء.

وإذا كان الله قد اختار المرأة للبيت والرجل للشارع فلأنه عهد إلى الرجل أمانة التعمير والبناء والإنشاء بينما عهد إلى المرأة أمانة أكبر وأعظم هي تنشئة الإنسان نفسه.

وإنه من الأعظم لشأن المرأة أن تؤتَمن على هذه الأمانة.

فهل ظلم الإسلام النساء ؟!!

المصدر / كتاب / حوار مع صديقي المُلحـِد .. للدكتور . مصطفى محمود

0 التعليقات:

إرسال تعليق